جنيف-سانا
أكدت سورية أن استعادة الجولان السوري المحتل كاملاً حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي أولوية وطنية وحق غير قابل للتنازل مجددة دعمها للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف حسام الدين آلا في كلمة أمام الدورة الثالثة والاربعين المستأنفة لمجلس حقوق الإنسان: “شكل الاستعمار الاستيطاني وما رافقه من ممارسات شملت تدمير القرى والمدن المحتلة وتهجير سكانها لإحلال مستوطنين غرباء مكانهم جوهر السياسة الإجرامية التي انتهجتها “إسرائيل” منذ اليوم الأول لاحتلالها فلسطين والجولان السوري.. وترافقت تلك السياسة الإجرامية بممارسات تعسفية وانتهاكات ممنهجة.. يرقى بعضها لجرائم الحرب.. مثل النقل القسري للسكان وهدم المنازل ومصادرة الأراضي والممتلكات وسرقة الموارد الطبيعية وحصار المدن وتدمير المحاصيل الزراعية وموارد الرزق” مضيفاً إنه منذ ذلك الحين دأب المجتمع الدولي على المطالبة بانسحاب “إسرائيل” الكامل من الجولان السوري المحتل إلى خط الرابع من حزيران لعام 1967 امتثالاً لقرارات مجلس الأمن 242 عام 1967 و338 عام 1973 و497 عام 1981 الذي نص في جملة أمور على بطلان قرار “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل واعتبره ملغى وباطلاً ولا أثر قانونياً له وطالبها بالتراجع الفوري عنه.
وبيّن آلا أنه بعد مرور ثلاثة وخمسين عاماً على الاحتلال الإسرائيلي يستمر كيان الاحتلال في ازدراء قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة وفي ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة مستفيداً في ذلك من مظلة الحماية التي يوفرها له بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية التي قررت الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان ومن هيئات دولية أخرى على خلفية دعمها المطلق والأعمى للاحتلال الإسرائيلي بعد فشلها في منع إدانة ارتكاباته الجسيمة والممنهجة في انتهاك حقوق الإنسان.
وأوضح آلا أنه في ظل الإدارة الحالية بلغ الدعم الأمريكي مستوى غير مسبوق في تماهيه مع المخططات الإسرائيلية الاستعمارية وشكل عاملاً رئيسياً في تسريعها لتكريس احتلاله وضمه غير المشروع للقدس الشرقية وللجولان السوري المحتل ولأجزاء واسعة من الضفة الغربية.. ويتجلى التطابق بين المواقف الإسرائيلية والأمريكية بأوضح صوره اليوم في إطلاق اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أحدث المشاريع الاستيطانية في الجولان السوري المحتل تعبيراً عن الامتنان للدعم غير المسبوق الذي قدمه ترامب لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وبيّن آلا أنه في ظل هذا الواقع يتحمل مجلس حقوق الإنسان مسؤولية خاصة في التصدي لجرائم سلطات الاحتلال وانتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني وأبناء الجولان السوري المحتل.. وتدعو سورية الدول التي تستمر في تبني معايير مزدوجة في مقاربتها لمناقشات البند السابع من جدول الأعمال وقراراته إلى إعادة النظر بمواقفها المنحازة لـ “إسرائيل”.
وقال آلا: تدين سورية الاستيطان الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل والانتهاكات الممنهجة لحقوق أبنائه السوريين وتطالب بالكف عنها وبوقف محاولات تغيير الطابع العمراني والتكوين الديموغرافي والوضع القانوني للجولان السوري المحتل والتي تنتهك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.. وتدين استمرار “إسرائيل” السلطة القائمة بالاحتلال بنهب الموارد الطبيعية للجولان السوري المحتل وبمصادرة الأراضي والممتلكات وهدم البيوت لدفع السكان الى النزوح في انتهاك لحقوقهم بالملكية وكجزء من مخططات التغيير الديموغرافي في الجولان السوري المحتل.
وأضاف آلا: تحذر سورية من الضغوط التي يمارسها الاحتلال على أبناء الجولان المحتل لإلزامهم بإبراز وثائق الملكية لأراضيهم وممتلكاتهم الموروثة عن آبائهم وأجدادهم والمسجلة في الوطن الأم سورية وتسجيلها بدلاً من ذلك لدى دائرة الملكية التابعة لسلطة الاحتلال الإسرائيلي والتهديد بمصادرة الأراضي والممتلكات في حال رفض أصحابها الامتثال لتلك القرارات التعسفية المخالفة للالتزامات القانونية المفروضة على القوة القائمة بالاحتلال.
وتابع آلا: كما تحذر سورية من خطورة منح سلطات الاحتلال الإسرائيلي التراخيص لشركات أمريكية للتنقيب عن النفط في الجولان السوري المحتل ومن الأضرار البيئية والصحية لبناء توربينات هوائية عملاقة على الأراضي الزراعية المملوكة للسوريين من أبناء الجولان المحتل وتهديدها لحياتهم ولمحاصيلهم الزراعية التي تشكل مورد رزقهم الأساسي.. وتجدد سورية رفضها القاطع لمحاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض مجالس محلية يرفضها أبناء الجولان المحتل المتمسكون بهويتهم الوطنية وبانتمائهم إلى وطنهم الأم سورية.
وأشار آلا إلى أن ممارسة الحصار الخانق على غزة والإغلاق وتقييد الحركة والقتل الميداني على الحواجز والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية تشكل نماذج عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني وبحق المواطنين السوريين في الجولان المحتل.. وفي هذا السياق تطالب سورية برفع الحصار غير الإنساني عن قطاع غزة وبالإفراج الفوري عن الأسرى الفلسطينيين والسوريين من سجون الاحتلال الإسرائيلي ولا سيما الأطفال منهم وتوفير الحماية لأبناء الشعب الفلسطيني من جرائم القتل العشوائي التي تمارسها سلطات الاحتلال بحقهم.
وقال آلا: تدعو سورية المفوض السامي لحقوق الإنسان إلى ممارسة الضغط على قوات الاحتلال الإسرائيلي لفتح معبر القنيطرة أمام أهلنا في الجولان السوري المحتل الراغبين بزيارة وطنهم وأقاربهم في سورية وإيلاء اهتمام خاص بحصول أبناء الجولان على الرعاية الطبية المناسبة في ظل انتشار جائحة كوفيد19 التي تشكل تهديداً إضافياً لحياتهم في ظل المعاملة التمييزية التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحقهم.. كما تدعو المفوض السامي إلى تحديث قائمة قاعدة البيانات للشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة سنوياً تنفيذاً لقرار مجلس حقوق الإنسان 36/31.
وختم آلا: تؤكد سورية أن استعادة الجولان السوري المحتل كاملاً حتى خط الرابع من حزيران 1967 بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي أولوية وطنية وحق غير قابل للتنازل وغير خاضع للتقادم.. وتجدد دعمها للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين تنفيذاً للقرار 194 وتطالب بانسحاب “إسرائيل” مما تبقى من أراض لبنانية محتلة.