الـ 29 من أيار صفحة من صفحات الشرف في تاريخ سورية ودرس في قيم الشهادة والتضحية

دمشق-سانا

التاسع والعشرون من أيار عام 1945 صفحة من صفحات التضحية والشرف في تاريخ سورية تمثلت برفض شرطة ودرك حامية البرلمان أداء التحية لعلم الاحتلال الفرنسي دفاعا عن كرامة وعزة الشعب السوري بكامله وتعبيرا عن قدسية الوطن مقدمين أمثولة في رفض الاحتلال بكل أشكاله.

وشكل هذا اليوم بأحداثه الدامية محطة مهمة في مسيرة نضال الشعب السوري ضد الاستعمار الفرنسي ففيه وجه قائد القوات الفرنسية الجنرال أوليفار روجيه إنذاراً إلى رئيس المجلس النيابي سعد الله الجابري طلب منه أن تقوم حامية المجلس بتحية العلم الفرنسي عند إنزاله في المساء عن دار الأركان الفرنسية باعتبار أنها كانت قائمة مقابل مجلس النواب لكن الجابري رفض الأمر وطلب من قائد الدرك عدم الاستجابة.

وعند الساعة الخامسة والنصف من ذلك اليوم اتصل رئيس حامية المجلس بقائد الدرك العام وأخبره بأن الفرنسيين طوقوا المجلس بالمصفحات والدبابات ما حال دون انعقاد جلسة مجلس النواب لعدم اكتمال العدد وحينما رفضت حامية مبنى البرلمان أداء التحية للعلم الفرنسي أثناء إنزاله من على ساريته في دار الأركان الفرنسية وجد المحتل في ذلك ذريعة لمهاجمة الحامية.

رجال الحامية الثلاثون شرعوا في مقاومة ضارية لوقف تقدم القوات الفرنسية رافضين الاستسلام وواجهوا آلة عسكرية تفوقهم قدرة على نحو كبير واستمروا بالقتال حتى نفدت ذخيرتهم وعندها اقتحمت القوات الفرنسية مبنى البرلمان واستشهد منهم ثمانية وعشرون.

بشاعة الجرائم الوحشية التي ارتكبها المحتل الفرنسي رواها الشهيدان الحيان اللذان أثخنتهم الجروح وظنهم الاحتلال أنهم في عداد الأموات حيث قام جنود الاحتلال بتمزيق جثث الشهداء بالسواطير والحراب والتمثيل بأجسادهم أشنع تمثيل وقد شوهدت بعض الجثث بلا آذان وبعضها مقطعة الأيدي وبعضها مفقودة العينين.

ولم يقتصر عدوان الـ 29 من أيار عام 1945 على مجزرة البرلمان بل شمل مدينة دمشق قبل أن يمتد إلى باقي المدن والبلدات السورية وفق خطة مبيتة ولكن الاعتداء الإجرامي الحاقد للمستعمر الفرنسي ضد حامية البرلمان وما رافقه من قصف وتدمير للمدن لم يسعف المستعمرين ولم يمكنهم من اخضاع شعبنا الأبي وقهر ارادته الوطنية بل زاده إصراراً على النضال والمقاومة.

مسيرة المقاومة لازالت مستمرة فبالأمس صمد شعبنا وقاوم وصارع الاستعمار الفرنسي وقهره وأجبره على الرحيل وبقيت سورية صامدة واليوم يقف شعبنا بجيشه الباسل المعطاء وقوى الأمن الداخلي وجميع الشرفاء في هذا الوطن متصدين للإرهاب وكل داعميه ومموليه مؤكدين أن سورية ستنتصر وستبقى كما كانت على الدوام حصن الكبرياء وقلعة الانتصار.

التاسع والعشرون من أيار الذي اتخذته قوى الأمن الداخلي عيداً لها سيبقى محطة من محطات نضال الشعب العربي السوري في مقارعة العدوان ودرسا في قيم الشهادة والشهداء والمعاني السامية للتضحية والعطاء وحافزا لدحر الإرهاب وأدواته عن كامل التراب السوري.

علي عجيب

تاريخ النشر

30.05.2020

قراءة المزيد: