دمشق-سانا
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم أن ما يسمى قانون قيصر يستهدف لقمة عيش الشعب السوري وفتح الباب مجدداً لعودة الإرهاب كما كان في العام 2011 لكننا قادرون على التصدي له كما أن معركتنا ضد الإرهاب مستمرة.
وأوضح المعلم خلال مؤتمر صحفي اليوم أن تصريحات مايك بومبيو وجيمس جيفري حول ما يسمى قانون قيصر وربطه بمصلحة الشعب السوري تؤكد أنهم جوقة كذابين لأن من يريد مصلحة الشعب السوري لا يتآمر على لقمة عيشه وقال: لكن في الوقت نفسه هذه الحملة لن تقل شراسة عن سابقاتها لأنهم يستخدمون فيها آخر أسلحتهم ضد سورية في محاولة لاستهداف لقمة عيش المواطن بشكل مباشر وقدرة الدولة على تأمين متطلباته بمعنى أن الهدف الحقيقي إلى جانب تجويع الشعب والرهان على تقويض الاستقرار في سورية هو فتح الباب لعودة الإرهاب كما كان منذ عام 2011.
وأضاف المعلم: ترافق ذلك مع تهويل إعلامي وحرب نفسية واضحة من قبل بعض الأطراف مع الأسف في منطقتنا حول تأثيرات هذا القانون على سورية وحاولوا تسويقه باعتباره “الضربة القاضية” للوضع في سورية.. ولا أريد أن أقلل من آثار هذا القانون والحملة الشرسة التي رافقته.. لكن نحن في سورية معتادون على التعامل مع موضوع العقوبات الأحادية التي فرضت علينا منذ عام 1978 تحت مسميات متعددة.. قانون محاسبة سورية.. “عقوبات اقتصادية أحادية الجانب” وصولاً إلى هذا القانون.. لذلك نحن واثقون بأن التعامل مع هذا القانون لن يكون مستحيلاً بل نحن قادرون على مواجهته بتأمين احتياجات شعبنا وتنفيذ المطالب المحقة للمواطنين لتحسين وضعهم المعيشي والحصول على حياة أفضل، أي أن ما يجب أن نسعى إليه هو تحويل هذا القانون إلى فرصة للنهوض باقتصادنا الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعميق التعاون مع الأصدقاء والحلفاء في مختلف المجالات ومعركتنا ضد الإرهاب لن تتوقف.
وتساءل المعلم: هل وجود قواتهم حول حقول النفط السورية وقيام طائراتهم بحرق محاصيل القمح في منطقة الجزيرة هو من أجل مصلحة الشعب السوري.. وهل تهديدهم لدول صديقة تريد المساهمة في عملية إعادة الإعمار في سورية يصب في مصلحة الشعب السوري.. أو في موضوع إعادة المهجرين السوريين إلى وطنهم… هذا فضلاً عن دعمهم المتواصل للمجموعات الإرهابية بدليل قيام طائراتهم بنقل متزعمي تنظيم داعش الإرهابي إلى داخل العراق ودعمهم النظام التركي في عدوانه على الأراضي السورية ودعمهم تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي.
وقال المعلم: هم يكذبون لأن المستهدف هو الشعب السوري وإذا كانوا يتوهمون بأن مثل هذه الإجراءات الاقتصادية الأحادية التي جاءت من خارج إطار الأمم المتحدة وإذا كانوا يحلمون بأن ترضخ سورية وشعبها لشروطهم فأقول: دعهم يحلمون فلن يحدث ذلك.. بدليل تضحيات الشعب السوري وشهدائه وجرحاه التي قدمت في سبيل الحفاظ على قرارنا الوطني المستقل وعلى سيادتنا الوطنية، لافتاً إلى أن التحديات ليست سهلة لكنها في الوقت ذاته ليست مستحيلة والدولة بدأت إجراءات من شأنها التصدي لهذه العقوبات وبدأت حواراً مع الأصدقاء والحلفاء الذين رفضوا تنفيذ هذا القانون من أجل تعميق العلاقات الثنائية بيننا.
وأضاف المعلم: باختصار شديد الولايات المتحدة تريد من “قانون قيصر” وقبله عدة قوانين التخلي عن تحالفاتنا وعن دعمنا للمقاومة والسير في ركب التطبيع مع “إسرائيل” والقبول بالمخططات الإسرائيلية المرسومة للمنطقة وعلى رأسها ما تسمى “صفقة القرن”.
وأكد المعلم أن ما يسمى “قانون قيصر” هو قانون يائس لأن سورية سجلت انتصارات في الميدان بفضل بسالة قواتنا المسلحة وسجلت انتصارات على قوانين سابقة بفرض عقوبات أحادية الجانب وقال: سورية عانت لكن لم تنقطع ربطة الخبز يوماً واحداً ولم يقطع راتب أحد نهائياً رغم العقوبات ولهذا أقول إنهم فرضوا هذا القانون لأنهم يئسوا من إخضاع سورية وسيواصلون هذا اليأس لأننا سنواصل موقفنا.. هو خيار لنا إما أن تكون سورية كما عهدها شعبنا أو لا.. خيارنا أن نستمر في مقاومة الإرهاب وفي تأمين لقمة عيش شعبنا بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء.
ورداً على سؤال حول تأثير “قانون قيصر” على المساعدات الإنسانية قال المعلم: أمريكا تدعي أن “قانون قيصر” لا يؤثر على تلك المساعدات لكن إذا أردنا أن نشتري دواء لمكافحة وباء كورونا الذي جاء “قانون قيصر” في ظل انتشاره هل يسمح لنا بشرائه.. وكيف نحول قيمته إذا كانوا يمنعون التحويلات المالية.. هذا كذب لذلك لا استثناءات في “قانون قيصر”.
وبشأن تداعيات القانون الأمريكي على العلاقات مع الدول العربية قال المعلم إن الإمارات دولة شقيقة سارعت إلى فتح سفارتها في دمشق وسورية ترحب بأي خطوة إماراتية من أجل تعزيز العلاقات مع سورية بغض النظر عن تحذير المدعو جيمس جيفري.. أما رئيس وزراء الأردن فقد صرح بأن “قانون قيصر” لن يؤثر على التبادل التجاري والاقتصادي بين سورية والأردن وهذا موقف جيد وجريء في حين نحن نقاتل مع العراق في خندق واحد ضد “داعش” ومن الطبيعي ألا تتأثر علاقاتنا الثنائية.. أما لبنان الشقيق فمع الأسف فإن الوضع الداخلي فيه يتحكم بمخرجات السياسة الخارجية.. نحن رئة للبنان وجاهزون للتعاون معه في مواجهة “قانون قيصر”.. لكن هذا لا يتم برغبة سورية فقط لتكن الرغبة مشتركة وأقول حتى الآن لا يوجد بيننا وبين الحكومة اللبنانية مثل هذا التواصل عندما يرغبون سيجدون سورية جاهزة.
وأوضح المعلم أن الولايات المتحدة تقول في “قانون قيصر” إنه يجب تنفيذ قرار مجلس الأمن “2254” الذي صدر بعد ساعات على صدور القرار “2253” المتعلق بتجفيف منابع الإرهاب فلماذا لا يتحدث المجتمع الدولي والولايات المتحدة عن هذا القرار وقال: طبعا لا أحد ممن تآمروا على سورية يريد تجفيف منابع الإرهاب والولايات المتحدة هي آخر من يحق له التمسك بقرارات مجلس الأمن وهي التي تخلت عن الأمم المتحدة برمتها وعن منظماتها المتخصصة وعن التزاماتها الدولية.
وأضاف المعلم: لدينا إمكانيات ولدينا أخطاء سابقة والتحدي أمام الجميع الآن كيف نصحح هذه الأخطاء وننطلق ببرنامج عمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي.. لذلك يجب ألا نقلق من “قانون قيصر” رغم كل الحرب النفسية التي تقوم بها أدواتهم من أصحاب ما يسمون “معارضات” يخدمون أجندات خارجية حيث يجلسون في المقاهي ويخترعون قصصا وأكاذيب ويبثونها في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت في متناول الجميع مؤكداً أن عنوان المرحلة المقبلة هو تلبية متطلبات الشعب والسعي لتحسين وضعه المعيشي وجعل هذا القانون الذي يتعارض مع القوانين الدولية فرصة للاكتفاء الذاتي فالتعويل على أنفسنا لصنع مستقبلنا وهذا هو الطريق مع الاعتماد على الأصدقاء والحلفاء.
وأشار المعلم رداً على سؤال حول الوضع في إدلب إلى أن سورية تتصرف حسب أولوياتها والإمكانيات المتاحة وحوارها مع حلفائها وخاصة الجانب الروسي ووفق اتفاق سوتشي هناك وقف للعمليات القتالية في إدلب وعندما نرى أن الإرهابيين لا يلتزمون تقوم قواتنا المسلحة الباسلة بالرد عليهم مباشرة وعندما يأتي الوقت للتحرير سنرى الجحافل قد انطلقت لكن هذا القرار تأخذه القيادة العسكرية، لافتاً إلى أن النظام التركي يغزو شمال العراق وينقل المرتزقة إلى ليبيا من أجل الثروة النفطية ويحتل أراضي في سورية بهدف إعادة الأطماع العثمانية إلى منطقتنا لكن دروس التاريخ علمتنا أن الشعوب التي تناضل من أجل حريتها وسيادتها تنتصر في نهاية المطاف مهما طال الزمن.
وبين المعلم أن المقاومة الشعبية في المناطق التي تحتلها قوات أمريكية تنبع من نبض الشعب السوري وهي ليست مستغربة وقال: لكن المستغرب ما تتوهمه بعض المجموعات من المكون الكردي بأن الولايات المتحدة ستواصل دعمها لهم وأقول لهم سيأتي يوم يصحون صباحاً ولن يجدوا الأمريكي الذي لا يدافع عن مصالحه في المنطقة بل عن مصالح “إسرائيل” ولا يهمه أحداً لا في العالم العربي ولا الأكراد فما يهمه هو “أمن إسرائيل” لذلك أقول لهم تنبهوا لدروس الماضي وتعامل الولايات المتحدة مع حلفائها وتخليها عنهم بسهولة مثبت في التاريخ.
وجدد المعلم التأكيد على التزام سورية بالمسار السياسي ورفضها أي تدخل خارجي أمريكي أو غيره بعمل لجنة مناقشة الدستور فهي سيدة نفسها وعملها يجب أن يكون بقيادة وملكية سورية دون أي تدخل من أحد، مبيناً أن الولايات المتحدة تريد دستوراً سورياً على قياسها وعلى قياس “إسرائيل” وهذا لن يكون والشعب السوري لن يقبل إلا بدستور وطني يلبي طموحاته ولن يسمح بتدخل أحد في شؤونه.
ولفت المعلم إلى أن أحد أهداف “قانون قيصر” التأثير على الانتخابات الرئاسية القادمة ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ، مشيراً إلى أن السيد الرئيس بشار الأسد يقول باستمرار: “طالما أن الشعب يريد بقائي سأبقى” إذاً القرار بيد الشعب السوري لا بيد جميس جيفري ولا مايك بومبيو ولا دونالد ترامب وإن الرئيس الأسد سيبقى طالما الشعب السوري يريده أن يبقى.
وبشأن العلاقة مع الحلفاء قال المعلم: كل الهرج والمرج حول العلاقة السورية الروسية غير واقعي وغير صحيح فنحن في تحالف وثيق وأصدقاؤنا الروس قدموا ضحايا في مكافحة الإرهاب على التراب السوري والموقف الروسي الداعم لسورية مستمر وهناك تشاور شبه يومي بيننا وبين الأصدقاء الروس ولم نلمس أي تقصير من جانب روسيا في هذه العلاقة، وبالنسبة لإيران فقد كان هناك وفد إيراني في دمشق منذ ثلاثة أو أربعة أيام وأول جملة تحدث بها “لن نترك سورية وحدها” وبالفعل تم إقرار عدة اتفاقيات أما عن العلاقة مع الصين فنحن نعتبر الصين دولة حليفة والحوار معها مستمر وهم معاقبون مثلنا ولا أعتقد انهم سيتوانون عن كسر “قانون قيصر” ونحن واثقون بأن أصدقاءنا وحلفاءنا لن يتركوا سورية وحدها.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أشار المعلم إلى أنه لا حدود لأطماع “إسرائيل” في فلسطين المحتلة وفي المنطقة وخاصة في ظل الدعم الكبير الذي تقدمه الولايات المتحدة مجدداً التأكيد على موقف سورية الداعم للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل استعادة كامل حقوقه ومنع “إسرائيل” من ضم أراض بالضفة الغربية أو أي أراض فلسطينية محتلة ورفضها إعلان الإدارة الأمريكية بشأن الجولان السوري المحتل والقدس المحتلة وعلى “إسرائيل” الانسحاب من كل الأراضي المحتلة وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وحول الوضع الليبي أوضح المعلم أن ليبيا اليوم ضحية تدخلات وأطماع خارجية وفي مقدمتها العدوان التركي الطامع بثرواتها وسورية من حيث المبدأ تدعم وقف إطلاق النار وتدعو إلى استئناف محادثات خمسة زائد خمسة وفي الوقت نفسه تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وتدعم المؤسسات التي قامت في شرق ليبيا وتحرص على وحدة وسيادة الأراضي الليبية كما تقف إلى جانب الأشقاء في مصر من أجل الدفاع عن أمنهم الوطني وعن الأمن القومي العربي وقال: إذا كانوا يريدون أي دعم سوري نحن جاهزون له بغض النظر عن مواقفهم من قضايانا فهذا مبدؤنا.
ورداً على سؤال بأن الكونغرس الأمريكي يسعى لسحب الشرعية من ترامب ويشرع في الوقت ذاته قراراته ضد سورية قال المعلم: نتابع ما يجري داخل الولايات المتحدة في هذه السنة الانتخابية وأقول صراحة إن هذا شأن داخلي أمريكي.