دمشق-سانا
أكد معاون وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أيمن سوسان أنه بعد الانجازات التي حققتها سورية في الحرب على الإرهاب لا يمكن لأي كان أن يفرض عليها شيئا لا يراعي مصالحها الوطنية مشيرا إلى أن التغير الدولي حيالها فرضه فشل المشروع الأمريكي الغربي نتيجة صمود السوريين وتضحياتهم.
وقال سوسان في مقابلة مع قناة السورية الليلة: هناك انطباع اليوم بضرورة إشاعة أجواء من الهدوء على الساحة الدولية وهذا بدأ يتجلى بشكل واضح في أعقاب رحيل الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب وقمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف والاتصالات المستمرة مع المسؤولين الروس والتي تهدف بالأساس إلى ضبط التوتر المتصاعد في العلاقات بين القوتين العظميين.
وأوضح سوسان أنه لا بد أن يكون لهذه الأجواء انعكاس على مجمل الأوضاع الدولية وما يهمنا منها في المقام الأول على الأوضاع في سورية مشيرا إلى أن التغير الدولي حيال سورية فرضه فشل المشروع الأمريكي الغربي على سورية بفعل صمود السوريين وتضحياتهم ودعم الحلفاء الأمر الذي وجه ضربة قاسية لنظام القطبية الأحادية وعزز الدور الروسي على الساحة الدولية.
ولفت معاون وزير الخارجية والمغتربين إلى أن الوضع في سورية اليوم لا يقارن أبداً بما كان عليه خلال سنوات الحرب الظالمة التي فرضت عليها بعد الانجازات الميدانية الكبيرة للجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب حيث نشهد عودة التواصل بين سورية والعديد من الدول وهناك دول لديها الرغبة والاستعداد لذلك وهي لا تصرح به علنا لأسبابها الخاصة وبالتالي هذه التفاهمات أن نضجت أو تحققت ستؤدي إلى انفراجات ستكون لصالح توطيد الاستقرار وتعزيز السلم والأمن الدوليين.
وشدد سوسان على أنه بعد الانجازات التي تحققت في الحرب على الإرهاب والتضحيات التي قدمت لا يمكن لأي كان أن يفرض على سورية شيئا لا يراعي مصالحها الوطنية مبينا أن هناك فرقا بين من يعمل للتفاهمات من أجل تكريس الانجازات التي تحققت وذاك الذي يسعى إليها لحفظ ماء الوجه نتيجة الانكسارات والفشل الذي منيت به مشاريعهم في سورية.
وأوضح سوسان أن اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها السادسة والسبعين جاءت بعد الأحداث المهمة التي شهدتها سورية هذا العام وكان آخرها تخليص درعا بشكل نهائي من الإرهاب وعودتها بشكل كامل إلى كنف الدولة السورية لكن الحدث الأبرز يتمثل بإنجاز الاستحقاق الرئاسي والذي عبر من خلاله السوريون عن رفضهم لأي شكل من أشكال الوصاية والتبعية والتدخل في خياراتهم الوطنية مبينا أن الاجتماعات مثلت فرصة ووفرت منبراً لوفد الجمهورية العربية السورية برئاسة وزير الخارجية والمغتربين لعرض حقيقة الأوضاع في سورية ومواقف سورية حيال هذه الأوضاع ومجمل القضايا الدولية وهذا أمر في غاية الأهمية لأن أكثر ما عانيناه خلال هذه الحرب الظالمة كان حملات التشويش والتشويه والتضليل إزاء ما يحصل في سورية وازاء مواقف الدولة السورية.
ولفت سوسان إلى أن اللقاءات التي عقدها الوفد مع العديد من الوفود المشاركة في أعمال الجمعية العامة بلغت أكثر من ثلاثين لقاء “25 مع وزراء خارجية و5 لقاءات مع الأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولي المنظمات الدولية” وهذا الامر بحد ذاته في غاية الأهمية لأنه كسر جدار العزلة الذي حاول أعداء سورية فرضه عليها في إطار الضغط السياسي والدبلوماسي على سورية مؤكدا أن هذه اللقاءات تكتسب أهمية كبيرة ليس لجهة العدد فقط لكن من حيث النوعية فهناك لقاءات تحصل للمرة الأولى مع بعض الوفود أو مع وفود بعض الدول وهذا يؤسس لإعادة هندسة علاقات سورية الدولية بما ينعكس إيجابا على الأوضاع في سورية بشكل عام ويؤكد في الوقت ذاته أهمية مكانة سورية على الساحة الدولية.
وجدد سوسان التأكيد على موقف سورية بأن اي وجود عسكري على أراضيها دون موافقتها احتلال يجب وضع حد له بما في ذلك الوجود العسكري الأمريكي المرتبط بالمشروع الأمريكي مبينا أنه بعد فشل هذا المشروع بدأنا نسمع أصواتا عديدة في الداخل الأمريكي وخاصة في الكونغرس تدعو إلى سحب هذه القوات من سورية التي تملك الحق بموجب ميثاق الأمم المتحدة لتحرير أراضيها بكل الوسائل المتاحة وهذا الموضوع غير قابل للمساومة وعلى هذه القوات أن تخرج من سورية من دون قيد أو شرط.
وأشار سوسان إلى أن ثروات سورية التي تسيطر عليها مليشيا “قسد”بدعم من قوات الاحتلال الأمريكي هي ملك للشعب السوري ولا يحق لأي كان التصرف بها وما تقوم به قوات الاحتلال الأمريكي و”قسد” هي أعمال لصوصية وسرقة موصوفة وقطع طرق مبينا أن سورية وجهت رسائل عديدة الى الأمم المتحدة بهذا الشأن وهي بصدد اتخاذ إجراءات قانونية لمساءلة الإدارة الأمريكية عن هذه السلوكيات ومطالبتها بالتعويض عن هذه السرقات .
وشدد سوسان على وجوب رفع الإجراءات الاقتصادية القسرية الغربية غير الشرعية المفروضة على سورية مطالبا من يتباكى على معاناة السوريين أن يعلموا أنهم سبب أساسي في هذه المعاناة جراء هذه الإجراءات التي تستهدف المواطن في حياته ولقمة عيشه وسبق للأمين العام للأمم المتحدة والمنظمات الدولية أن رفعوا الصوت مطالبين برفع هذه الإجراءات وخاصة بعد تفشي وباء كورونا الذي أعاق تقديم الرعاية الصحية اللازمة لكثير من الناس نتيجة هذه الإجراءات.
وأكد سوسان أنه لن يتم السماح لأي كان المساس بوحدة سورية لأنها قدس الأقداس ومن أعظم المحرمات وبالتالي ما تطرحه ميليشيا “قسد” الانفصالية التي رضت لنفسها أن تكون أداة رخيصة في المشروع المعادي لسورية هي مجرد أوهام وعليها أن تتعظ بمن سبقها وارتضى لنفسه الارتهان للأجنبي وليثقوا تماما أنه حتى الأمريكي نفسه ينظر إليهم باحتقار وأنهم خانوا وطنهم وعندما تنتهي الحاجة إليهم سيتخلى عنهم كما كان الحال مع كل الأدوات الرخيصة التي استخدمها الاحتلال الأمريكي في المنطقة والعالم .
وبشأن لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي اليوم قال سوسان: الحديث بشكل عام يدور حول الدور التركي الهدام في سورية وبشكل خاص حول الوضع في ادلب وهي إحدى مناطق خفض التصعيد الأربع التي كان من المفترض تحريرها من الإرهاب وعودتها إلى كنف الدولة السورية بموجب التفاهمات المعقودة لكن مراوغة النظام التركي وخداعه وعدم التزامه بتعهداته أدى إلى استمرار الوضع على ما هو عليه في ادلب لافتا إلى أن التصريحات التي نسمعها من المسؤولين الروس حول رفض قبول استمرار البؤرة الإرهابية في ادلب تتطابق بشكل كامل مع موقف سورية بأن ادلب لن تكون استثناء وستعود إلى كنف الدولة السورية عاجلاً وليس آجلاً.
وفيما يخص اجتماعات لجنة مناقشة الدستور في جنيف بين سوسان أن اللجنة ستعقد اجتماعها السادس في الثامن عشر من الشهر القادم والمهم في هذا الموضوع التأكيد على أن هذه العملية هي حوار سوري سوري بقيادة وملكية سورية دون أي تدخل خارجي لأن الدستور هو شأن وطني بامتياز والكلمة الفصل فيه للسوريين ولهم وحدهم وعلى المبعوث الخاص للأمين العام التزامالحيادية والنزاهة والموضوعية وأن يمنع محاولات التدخل الخارجي في عمل اللجنة إذا كان يريد لها أن تحقق النتائج المرجوة.
وبشأن عودة اللاجئين والمهجرين لفت معاون وزير الخارجية والمغتربين إلى أن المواطن السوري ليس بحاجة إلى دعوة للعودة إلى وطنه والدولة تبذل كل الجهود لتسهيل وتيسير هذه العودة وتوفير متطلبات الحياة الكريمة واللائقة لكن لم يعد خافيا على أحد الاستغلال البشع لهذا الملف والمتاجرة بمعاناة هؤلاء واستغلالها لخدمة أجندات معينة مؤكدا أنه كما فشل أعداء سورية في الجوانب الأخرى سيفشلون في هذا الموضوع وأكبر دليل على ذلك عودة أعداد كبيرة من اللاجئين إلى وطنهم والمهجرين إلى مدنهم وقراهم وهم يعيشون حياتهم الطبيعية.
وفيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار أوضح سوسان أن أي دولة تتخذ مقاربة واضحة حيال الإرهاب في سورية يمكن أن تسهم في هذه العملية إذا كان ذلك يحقق المصلحة الوطنية أما بالنسبة لروسيا وايران فالعلاقات معهما استراتيجية ونطمح لتحقيق شراكة على الصعيد الاقتصادي ترقى إلى مستوى العلاقة السياسية بينما مثلت زيارة وزير الخارجية الصيني مؤخرا إلى دمشق مؤشرا على اهتمام بكين للقيام بكل ما من شأنه مساعدة سورية على تجاوز آثار الحرب الظالمة.
ورداً على سؤال حول إمكانية عودة سورية إلى جامعة الدول العربية قال سوسان: رغم الألم والجرح الذي سببه بعض العرب إلا أن سورية لم تفقد البوصلة ربما لأنها كانت تدرك أن فكرة العروبة هي التي كانت مستهدفة من هذه الحرب لذلك نحن نتمسك بهذه الفكرة وهذا الانتماء لأننا نرى فيه الحصن الحصين وفيه تكمن السلامة لكل دولنا لأن المستهدف ليس هذا أو ذاك بل المستهدف هو فكرة العروبة بذاتها وسورية تتطلع للمستقبل ولا تنظر إلى الماضي وبالنسبة للجامعة العربية فما حصل هو نتيجة خطأ قانوني وموقف سياسي وفي حال تم تصحيح هذا الخطأ واتخاذ مقاربات جديدة فالأمور تعود إلى طبيعتها لكن هذه المرة في إطار قانوني صحيح.
وأكد سوسان أن سورية قاب قوسين أو أدنى من تحقيق النصر النهائي على المؤامرة التي تعرضت لها وهنا لا بد أن نستذكر بالإكبار والإجلال شهداءنا وجيشنا الباسل صناع النصر وأن نعرب عن الاعتزاز بشعبنا الوفي الصامد الصابر الذي احتضن جيشه والتف حول القيادة الحكيمة والشجاعة للسيد الرئيس بشار الأسد ما مكن من تحقيق هذه المفخرة التاريخية لسورية والسوريين مشددا على أنه بعد الانجازات التي تحققت ضد الارهاب حان وقت الحصاد السياسي والدبلوماسي والذي يؤسس لانطلاقة واعدة على الصعيد الاقتصادي وتعزيز العملية الانتاجية الأمر الذي من شأنه أن يكون له آثار إيجابية على مجمل الأوضاع العامة وبشكل خاص على الوضع المعيشي للسوريين.