الجعفري: المطلوب قراءة الوضع في سورية بطريقة موضوعية وعدم اعتماد مواقف تؤدي إلى إطالة أمد الأزمة

دمشق-سانا

أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور بشار الجعفري ضرورة رفع الإجراءات الاقتصادية الغربية القسرية غير الشرعية المفروضة على سورية وقراءة الوضع فيها بطريقة موضوعية وصحيحة بدلاً من اعتماد مواقف تؤدي إلى إطالة أمد الأزمة وزيادة انتشار الفوضى والإرهاب وابتزاز الشعب السوري وتكرار وصفات فاشلة تسببت في تدمير وتخريب أكثر من بلد.

وأشار الجعفري في كلمة له اليوم عبر الفيديو خلال المنتدى العربي الدولي لرفع الحصار وإلغاء العقوبات بحق سورية الذي نظمه المؤتمر القومي العربي والمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن في بيروت بمشاركة أكثر من 250 شخصية عربية ودولية إلى أن الإرهاب الاقتصادي والمالي الذي يمارس على سورية اليوم لم يتجل فقط بشكله الحالي من خلال الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بل بدأ منذ الأيام الأولى للحرب الإرهابية التي شنت على سورية.

ولفت الجعفري إلى ما كانت تقوم به المجموعات الإرهابية المدعومة من الدول ذاتها التي فرضت هذه الإجراءات من استهداف ممنهج لقواعد الدفاع الجوي والقواعد العسكرية في الخطوط الأولى من الجبهة مع العدو الإسرائيلي واغتيال الطيارين الحربيين واستهداف البنى التحتية المدنية والموارد الاقتصادية حيث طالت جرائمها محطات الكهرباء والجسور والمعامل وأنابيب النفط والغاز والمدارس والمشافي وما رافق ذلك من القضاء على فرص العمل وزيادة نسبة البطالة ودفع الناس إلى الهروب باتجاه اللجوء والنزوح والهجرة والغرق في مياه لصوص البحر وكل ذلك روج له أعداء الأمة على أنه “ربيع عربي”.

وبين الجعفري أن الإجراءات القسرية تمثل صورة واضحة عن النفاق السياسي الذي تمارسه بعض الدول كما هو الحال في سورية حيث تدعي تلك الدول التي فرضت هذه الإجراءات “حرصها على الشعب السوري” في الوقت الذي تواصل فيه انتهاك سيادة سورية وسياسة عدم التعاون مع الحكومة السورية وتفرض إجراءاتها القسرية على السوريين وتربط تقديم أي مساعدات في مجال التنمية أو إعادة الإعمار بشروط سياسية وهو ما يتناقض مع مبادئ العمل الإنساني والتنموي ويعيق جهود الدولة السورية في تحقيق التعافي وإعادة الإعمار وتهيئة الظروف المناسبة لعودة النازحين داخلياً إلى منازلهم واللاجئين إلى بلدهم.

وشدد الجعفري على أنه خلافاً لما تدعيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بوجود استثناءات تسمح بتمويل المواد الأساسية الدوائية والغذائية فقد أثرت العقوبات الجائرة بشكل مباشر على كل المستلزمات الأساسية للشعب السوري وطالت الخيوط الجراحية وأجهزة الرنين المغناطيسي والأدوية اللازمة لمعالجة الأورام وغسيل الكلى الأمر الذي يتطلب التصدي لهذا الشكل الجديد من الإرهاب المستنبط في مخابر الحرب السياسية الفيروسية ضد أمتنا وبلداننا وشعوبنا وهو الإرهاب الاقتصادي والمالي.

وأشار الجعفري إلى ما ورد في إعلان وبرنامج عمل فيينا (المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في العام 1993 من أنه لا ينبغي استخدام الغذاء كأداة للضغط السياسي مبيناً أنه يبدو أن هذه النصوص القانونية الدولية وضعت للضعفاء فقط وليس للأقوياء وأصحاب النفوذ والهيمنة أما واقع الحال فهو أن تآكل مصداقية مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق يعيد البشرية إلى عهد عصبة الأمم التي تلاعب بها وبمقدراتها مجانين أوروبا الاستعماريون فتسببوا بزوالها وبنشوب حرب عالمية طاحنة أزهقت حياة عشرات الملايين وحطمت طموحات بالحرية والعدالة كان يحلم بها مئات الملايين.

وقال الجعفري: تعرضت بلادي على مدى السنوات العشر الماضية لحرب إرهابية لا سابق لها في ظل صمت دول وتواطؤ وتآمر دول أخرى.. واستهدف الإرهاب مجتمعاتنا تحت مسميات خادعة وتسبب بجرائم غير مسبوقة بحق شعوبنا وساهم في خلق أزمات إنسانية في العديد من الدول.. إرهاب تغذى على سوء تقدير في الحسابات السياسية لدى بعض الحكومات الراعية للفوضى والتطرف والإرهاب والتوحش فكانت الضحية شعوب منطقتنا وأمنها وسلامتها وازدهارها.. إرهاب دمر الحضارة وطال التراث الثقافي في الموصل وسنجار والرقة وحلب ومعرة النعمان ومنطقة الجزيرة السورية وغسل أدمغة الملايين من شبابنا.. إرهاب طال ويطول حليب أطفالنا ولقمة عيشنا ودواء مرضانا.

وأوضح الجعفري أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ودولاً أخرى سخرت كل إمكانياتها للنيل من سورية أرضاً وشعباً وموقفاً سياسياً ولتصفية حساباتها القديمة الجديدة معها ولتحقيق أجنداتها التدخلية الخاصة على حساب دماء الشعب السوري ومقدراته ومستقبل أبنائه وسخرت ماكيناتها الإعلامية الأخطبوطية لشيطنة الدولة السورية ووضعها على قدم المساواة مع إرهابيي “داعش” و”جبهة النصرة” لتشويه حقيقة ما جرى ويجري في سورية كما سخرت كل إمكانياتها المادية والإعلامية لدعم المجموعات الإرهابية التي عاثت خراباً على كامل الأرض السورية وفتحت الحدود لتسهيل عبور عشرات آلاف الإرهابيين المرتزقة من أكثر من مئة دولة إلى داخل سورية باعتراف اللجنة الفرعية لمجلس الأمن المعنية بمكافحة الإرهاب وقامت بإنشاء معسكرات تدريب للإرهابيين في دول الجوار ناهيك عن إصدار فتاوى تكفيرية لاستباحة دماء السوريين.

ولفت الجعفري إلى أن هذه الدول قامت بتوصيف عتاة الإرهابيين من قاطعي الرؤوس وآكلي الأكباد وتجار الآثار المسروقة بأنهم “معارضة سورية معتدلة” كما قدمت للمجموعات الإرهابية وسهلت امتلاكها مواد كيميائية سامة لاستخدامها ضد المدنيين الأبرياء ومن ثم التلاعب بمكان الحوادث وفبركة المعلومات وتقديم شهادات زور مضللة لآلية تحقيق مشكوك بمصداقيتها وحيادها ليتم اتهام الحكومة السورية واتخاذ ذلك ذريعة لشن العدوان عليها مشيراً إلى السابقة الخطيرة التي حدثت مؤخراً في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والتي تمثل تتويجاً لسلسلة مسرحيات مفبركة باتهام الحكومة السورية باستخدام هذه المواد يضاف إلى ذلك الاعتداءات الكثيرة والجرائم الجسيمة والتدمير الممنهج للبنى التحتية التي قام بها ما يسمى “التحالف الدولي” بحجة محاربة الإرهاب وخير دليل على جرائم هذا التحالف تدميره المتعمد لنحو 90 بالمئة من مدينة الرقة السورية.

وقال الجعفري: لكي نضع الأمور في ميزانها المنطقي الصحيح دعونا نقارن بين حقد أعداء أمتنا على العراق وحقدهم على سورية.. ففي حالة العراق الشقيق دفع هؤلاء الأعداء وبمباركة من بعض العرب مجلس الأمن إلى تشكيل لجنتين اثنتين فقط هما الأونيسكوم والأنموفيك على مدى 17 عاماً أثخنوا خلالها العراق دولة وشعباً بجروح لم تندمل حتى الآن أما في حالة سورية فقد دفع نفس الأعداء بمباركة نفس العرب مجلس الأمن إلى تشكيل ثماني لجان خلال 10 سنوات فقط.

وأكد الجعفري أن هذا التآمر والمخططات الشيطانية لهذه الدول اصطدمت بحائط منيع وشجاعة كبيرة من الجيش العربي السوري وحلفائه الذين أفشلوا مخططات هذه الدول وأذهلوا العالم بصمودهم الأسطوري وقدرتهم على تذليل الصعاب وتحقيق الإنجازات في مواجهة أشرس حرب همجية شهدها التاريخ الحديث في ظل تفاعل خلاق وتلاحم وطني بين قيادة الدولة والجيش والشعب.

وشدد الجعفري على أن المطلوب اليوم هو الوقف الفوري للتدخل الفظ في شؤون سورية الداخلية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وإنهاء الإجراءات الظالمة وغير الشرعية وقراءة الوضع فيها بطريقة موضوعية وصحيحة بدلاً من اعتماد مواقف تؤدي إلى تصعيد الأزمة وإطالة أمدها وإلى زيادة انتشار الفوضى والإرهاب وابتزاز الحكومة والشعب السوري وتكرار وصفات فاشلة تسببت بتدمير وتخريب أكثر من بلد مجدداً التأكيد على أن الضغوط والمؤامرات وإن اشتدت وتنوعت لن تزيد السوريين إلا عزيمة وإصراراً على مواجهة التحديات.. فنحن في سورية لدينا أسس لا يمكن المساس بها قوامها مصالح الشعب السوري وأهدافه الوطنية والقومية.

تاريخ النشر

30.04.2021

قراءة المزيد: