رحلة قطاف الوردة الشامية بدأت في المراح بشغف وأمل بإنتاج وفير

ريف دمشق-سانا

ينتظر أهالي قرية المراح بريف دمشق موسم قطاف الوردة الشامية بفارغ الصبر بعد عمل واهتمام ورعاية لشجيرات الوردة المنتشرة في حقول قريتهم التي ارتبط اسمها بالوردة الشامية بسبب الدعم والمتابعة من قبل الأمانة السورية للتنمية وغيرها من الجهات للتوسع في زراعة هذه الوردة التي حملت اسم سورية إلى جميع انحاء العالم واستحقت بجدارة أن تدرج مع كل ما يرتبط بها ضمن قائمة التراث الإنساني اللا مادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” نهاية العام 2019.

رجال ونساء وأطفال من القرية ينطلقون بعد منتصف أيار من كل عام منذ الصباح الباكر إلى حقول الوردة الشامية بفرح كبير مشكلين لوحة رائعة الجمال آملين أن يكون الموسم بمستوى أمنياتهم التي تنتظر التنفيذ.

موسم خير بدأ بجنيه أهالي قرية المراح يختلف عن مواسم الأعوام الماضية نتيجة الهطلات المطرية الكافية التي سقطت خلال هذا العام وفق ما ذكر عدد من المزارعين لمندوبة سانا التي زارت الحقول واطلعت على موسم القطاف مؤكدين أن محافظة ريف دمشق والجهات المعنية الأخرى حرصوا على تأمين مستلزمات القطاف والتي تساعد المزارعين في تحقيق قيمة مضافة لمحصولهم.

عماد باكير كان من أول الناس الذين بدؤوا بالقطاف مع ابنته قال إن “أزرار الوردة أكبر هذا الموسم” آملا أن يكون المردود والإنتاج أفضل بالنسبة للفلاح الذي يعمل طوال العام وصولا إلى القطاف الذي ينتظره الجميع لتأمين حاجياتهم مشيرا إلى أنه خلال 15 يوما يكون الأهالي انتهوا من القطاف متمنيا من الجمعية المعنية بالوردة الشامية السعي مع الجهات الأخرى لإحداث أماكن لتخزين منتجات الوردة لتحقيق قيمة أكبر لمحصولهم.

وهو يتابع عملية القطاف ويختار الوردة التي أينعت بين يوسف باكير أن موسم هذا العام جيد ونوعية الورد أفضل قياسا بالمواسم الماضية فيما عبر محمد رضا ضاوي عن محبته وشغفه بالوردة معتبرا أن موسم القطاف يشكل عرسا تراثيا بالنسبة لأغلب الناس لأن الوردة تحتل مكانة خاصة عند الناس وتعتبر الأساس لمعيشتهم.

وأثناء تجواله في حقول الوردة لمعاينة الشجيرات التي حان قطافها أكد محمد عباس أن الإنتاج هذا العام أفضل نتيجة الأمطار الخيرة التي هطلت لافتا إلى أن لديه 40 دونما مزروعة بالوردة الشامية جنى منها ما يقارب طنا ونصف الطن حتى الآن والقطاف لا يزال مستمرا أملا أن يكون السعر أفضل من الأعوام القادمة.

عباس رأى أن العمل الأهم الذي بدأ فيه هذا الموسم تمثل بنقل جهاز استخراج ماء وزيت الورد إلى الحقل مباشرة بشكل يوفر عليه الوقت والجهد والتكلفة والتمكن من الاستخراج مباشرة بعد القطف بما يحقق قيمة مضافة للمنتج مؤكدا أن المحافظة أمنت له مستلزمات الاستخراج من غاز وغيرها.

هالة البيطار من السيدات التي تحرص على النزول إلى الحقول مع عائلتها للاستمتاع بطقوس قطاف الوردة بينت انها تعمل هذا الموسم بشغف وحب وبروح حلوة لكون الإنتاج أفضل من الأعوام الماضية لافتة إلى أن العناية والاهتمام بالوردة من أولويات عملها قبل القطاف.

منصور عباس قال وهو يتابع عملية التقطير واستخراج ماء الورد إن “القطاف باكرا أفضل بكثير لكون حبات الندى تكون موجودة ولم تتبخر بعد حفاظا على الزيت العطري لأنه الأهم في عملية الاستخراج ويكون المنتج عالي الجودة” موضحا أنه بعد القطف يتم فرد الورد قليلا ووضع الكمية المناسبة في الجهاز بدرجة حرارة عالية وبمجرد البدء في التقطير يتم تبريد الجهاز وتخفيض درجة حرارته معتبرا أن أول 10 ليترات تستخرج من ماء الورد تستخدم للزينة وثاني 10 ليترات تستخدم للصناعات الغذائية لكون دسمها أخف.

وخلال تنقيتها الورد لاختيار المناسب منه لشراب الورد والمربى بينت ضهرية البيطار أم عبدو أنها تأتي إلى الحقل لاختيار المناسب من الورد لإنتاج المربى والشراب وفرز الزر عن الوردة بغية تيبيسها مؤكدة أن الوردة شيء مهم في حياتها وتقوم بإنجاز كل مونة منزلها من شراب ومربى الورد خلال فترة القطاف.

البيطار بينت أن شراب الورد يحتاج للأوراق فقط بعد نخلها وفركها لافتة إلى أن كل كيلو ورد يحتاج إلى ما يقارب أربعة ليترات ماء بعد غلي الماء يتم وضع أوراق الورد فيها ويتم تفويرها لمرة واحدة ومن ثم كمرها لمدة أربع ساعات بعدها تتم تصفيتها وترقيدها ووضع الكمية المناسبة من السكر بعدها يتم غليها وأثناء عملية الغلي يوضع ملون للشراب والقليل من ملح الليمون ومواد حافظة وبعد غليها لدرجة معينة يتم تبريدها وتعبئتها مؤكدة أن هذه الطريقة تحافظ على المنتج لمدة خمس سنوات.

رئيس جمعية المراح لإحياء وتطوير الوردة الشامية مدين بيطار أكد أن العمل بات مضاعفا بعد إدراج الوردة ومنتجاتها ضمن قائمة التراث العالمي اللامادي للتوسع في إنتاجها وتطوير صناعاتها لافتا إلى أن إجمالي المساحة المزروعة بالوردة الشامية وصل هذا الموسم إلى نحو 3500 دونم في القرية بعد عمليات الاستصلاح التي تمت والدعم الكبير الذي قدمته وزارة الزراعة والأمانة السورية للتنمية متوقعا أن يتراوح الإنتاج لهذا الموسم بين 50 و60 طنا من الورد علما أن سعر الكيلو غرام الواحد من الورد الأخضر هذا الموسم 2500 ليرة فيما يصل سعر الكيلوغرام من زر الورد اليابس إلى نحو 7000 ليرة.

بيطار لفت إلى أن العمل جار لإنتاج 500 غرام من الزيت العطري بسعر يتراوح بين 80 و90 ألف ليرة للغرام حسب الأسعار العالمية مؤكدا أن الجمعية حريصة على حماية الفلاح ودعمه لتمكينه من الوصول إلى مردود يحقق له القيمة المضافة علما أنه يتم حاليا تعبيد الطرق الزراعية التي شقت للوصول إلى حقول الوردة الشامية بيسر وسهولة وهناك جهود لتمكين الفلاحين من الحصول على أجهزة لاستخراج الماء والزيت العطري وهو ما شاهدناه لدى البعض.

أمين الجمعية الفلاحية في قرية المراح أمين حمزة البيطار بدا متفائلا بعد أن تمكن الفلاحون من زيادة المساحات المزروعة بالوردة الشامية واستصلاح مساحات أخرى وحفر بئرين لتأمين الريات التكميلية للوردة في مواسم الجفاف مبينا أن “زراعة الورد في القرية قديمة جدا وكانت هناك مساحات واسعة لكن الأحوال الجوية وقلة الأمطار خلال المواسم الماضية أسهمت بخروج الكثير من حقول الوردة من عملية الإنتاج”.

وتابع أمين الجمعية إن الأهالي لديهم رغبة في تطوير زراعة الوردة وتسويقها من خلال فتح مجالات أكبر للتصنيع ودعم الفلاحين بالحصول على أجهزة لتقطير الوردة لإنتاج ماء الورد وزيت الورد المطلوب في العالم مبينا أن زراعة الوردة بدأت تشهد تحسنا بعد أن تم حفر بئرين واحدة موجودة في مكان الزراعة الكثيفة للوردة لكنها تحتاج إلى تجهيز لإيصال مياهها إلى الحقول بيسر مطالبا بإحداث خزان كبير في أعلى تلة بالقرية وإيصاله بأنابيب للري الحديث إلى الحقول وتركيب عدادات عليها لاستيفاء ثمن المياه من الفلاحين ولو بشكل رمزي ما يعطي المزارع الأمل بتنمية الوردة الشامية وعدم الخوف من سنين الجفاف مشددا بالوقت نفسه على ضرورة إيجاد وسيلة ناجعة لمكافحة الحشرة التي تصيب الوردة وتسهم في يباسها لأن جميع الطرق التي استخدمت سابقا كانت غير مجدية.

وتبقى الوردة الشامية ينبوع الجمال والأنوثة المطلقة وأغنية الشعراء الأولى وعلامة تميز الهوية السورية ‏تزرع في كل بيت ويتسابق إليها تلامذة المدارس في الصباح ويضفي منظرها على المكان جمالية خاصة ‏بألوانها ومن سورية انطلقت زراعتها إلى أوروبا والعمل جار للتوسع في زراعتها لتشمل مناطق متعددة في سورية.

سفيرة إسماعيل

تاريخ النشر

28.05.2020

قراءة المزيد: